المراهقون يحتاجون إلى تسع ساعات على الأقل من النوم
كل ليلة، لكن عددا قليلا منهم يحصل على هذا القسط من النوم لا سيما أن الدوام
المدرسي يبدأ باكرا. إليكم ما يستطيع الأهل فعله
مرهقون ويغفون في الصفوف
مع
انطلاقة العام الدراسي، يعاني الأهل من جديد لإقناع أولادهم المراهقين المنهكين
بالنهوض من السرير، وجرهم منه إذا دعت الحاجة. ولاحقا يختبر المدرسون عن كثب آثار
الحرمان من النوم، فالتلاميذ المتعبون يبدون شاردي الذهن وحتى أنهم يغفون في الصف.
تقول لورن بويل، أستاذة مادة التاريخ في ثانوية وولثام في مساشوسيتس: "تعلمت ألا
أطفئ الأنوار أبدا، حتى ولو أردت عرض شريط فيديو. فإذا فعلت، فهناك أيام يغفو فيها
ثلث التلاميذ".
هذه الصورة قد تدفعك إلى الضحك، لكن النقص في النوم ليس دعابة.
فالمراهقون الذين لا يحصلون على قسط كاف من الراحة يواجهون مشاكل تعليمية وصحية
وسلوكية ومزاجية أكثر من التلاميذ الذين ينامون تسع ساعات على الأقل في الليلة. وفي
بعض الحالات، يشخص المراهقون خطأ بأنهم مصابون باضطراب نقص التركيز وفرط النشاط، في
حين أن الحرمان من النوم هو مصدر العوارض التي يعانونها. ويرتبط النقص المستمر في
النوم بالإصابة بالسكري وأمراض القلب والبدانة والإحباط وبانخفاض متوسط العمر لدى
الراشدين، مما يسلط الضوء على أهمية اكتساب عادات نوم جيدة في بداية الحياة. ويمكن
أن يكون النقص في النوم مميتا للمراهقين» فحوادث السير هي السبب الأساسي للوفيات
لدى المراهقين، ويعتبر خبراء السلامة أن النعاس أثناء القيادة هو عامل
أساسي.
لسوء الحظ، يحصل عدد قليل من المراهقين على القسط اللازم من النوم. ففي
دراسة صدرت أخيرا، اكتشف الباحثون في جامعة كيس ويسترن ريزرف أن أكثر من نصف الطلاب
ينامون سبع ساعات أو أقل، ونحو واحد من أصل خمسة ينامون لأقل من ست ساعات. وفي
استطلاع شمل تلاميذ الصفوف المتوسطة والثانوية، اكتشف الباحثون في جامعة كولورادو،
أن 82 بالمائة قالوا إنهم يستيقظون متعبين وغير نشيطين، ويجد أكثر من النصف صعوبة
في التركيز في النهار على الأقل مرة في الأسبوع.
وأحد الأسباب هو انهماكهم بأمور
كثيرة. فعدد كبير من التلاميذ يتنقلون بين النشاطات التي يقومون بها بعد الدوام
المدرسي وكتابة الواجبات المنزلية والوظائف بدوام جزئي. حتى ولو نجحوا في الانتهاء
من كل هذه المهمات في ساعة منطقية، فغالبا ما ينشغلون بالتلفزيون والإنترنت
والألعاب الإلكترونية والاتصالات الهاتفية وبعث الرسائل القصيرة إلى أصدقائهم،
فيبقون مستيقظين حتى ساعة متأخرة من الليل. (في المعدل، يملك تلاميذ الصف الـ12
أربع آلات إلكترونية أساسية في غرفة نومهم). وتتناقص ساعات النوم أكثر فأكثر بسبب
تناول الصودا التي تحتوي على الكافيين ومشروبات الطاقة في وقت متأخر من النهار
وارتياد الحفلات حتى ساعة متأخرة من الليل في عطلة نهاية الأسبوع.
والبيولوجيا
أيضا تساهم في نقص النوم لدى المراهقين. فساعة الجسم الداخلية التي تتحكم في الشعور
بالنعاس تتبدل بعد النضوج، ما يجعل من الصعب على معظم المراهقين النوم قبل الساعة
:00 ليلا. وعادة تبدأ الصفوف قبل الساعة 8:15 صباحا مع العلم بأن الدوام في
الكثير من المدارس الثانوية يبدأ من الساعة 7:15 صباحا. ومن أجل الوصول إلى المدرسة
في الوقت المحدد، يجب على معظم المراهقين الاستيقاظ بحلول الساعة 6:30 صباحا، مما
يحرمهم من أخذ القسط الوافر من النوم طوال أيام الأسبوع. وغالبا ما يسهر المراهقون
لوقت أطول في نهاية الأسبوع من أجل التعويض عما فاتهم، فيجدون صعوبة أكبر في النوم
ليل الأحد والاستيقاظ صباح الاثنين. والسهر في نهاية الأسبوع لا يساعد المراهقين
أيضا على البقاء متيقظين في الوقت الذي يكونون فيه بأمس الحاجة إلى ذلك: خلال
الدوام المدرسي في أيام الأسبوع.
منذ التسعينات من القرن الماضي، اختبرت مدارس
إعدادية وثانوية في أكثر من 24 ولاية، تأخير موعد بدء الدوام المدرسي. وكانت
النتيجة مشجعة: مزيد من النوم، وزيادة نسبة الحضور، وتحسن العلامات، وتراجع حوادث
السير. فعلى سبيل المثال، ارتفعت نسبة الحضور اليومية لتلاميذ الصف التاسع من 83
إلى 87 بالمائة، وسجل إجمالي العلامات ارتفاعا بسيطا عندما أصبح موعد بدء الدوام
المدرسي في ثانويات منيابوليس الساعة 8:40 بدلا من 7:15. وتراجعت حوادث السير لدى
المراهقين بمعدل 15 بالمائة عندما أصبحت ثانويات مقاطعة فاييت في كنتاكي تبدأ
دوامها المدرسي الساعة 8:30 بدلا من 7:30. لكن معظم المدارس لا تزال تبدأ في ساعة
مبكرة، مما يعني أنه بصعوبة يملك الطلاب الوقت الكافي للحصول على قدر كاف من
النوم.
على الرغم من كل هذه العوائق، يستطيع الأهل أن يؤدوا دورا كبيرا جدا في
مساعدة المراهقين على الحصول على القسط المناسب من النوم. فيما يلي بعض
الإرشادات:
ثقف أولادك عن النوم. يجب أن يفهم المراهقون أن أجسامهم بحاجة إلى
تسع ساعات من النوم على الأقل في اليوم كي يكونوا بأفضل حال في المدرسة ويستمتعوا
بحياتهم الاجتماعية. اشرح لهم أن الحرمان من النوم، حتى لو لم يستمر إلا مدة قصيرة
فقط، يزيد من فرص شعورهم بالتوتر والقلق، ومن الإصابة بأمراض بسيطة مثل الصداع
ومشاكل المعدة.
حافظ على جدول منتظم للنوم والاستيقاظ. بهذه الطريقة يتكيف الجسم
للخلود إلى الفراش والنهوض في الوقت نفسه كل يوم. يجب أن يكون هناك موعد ثابت يخلد
فيه المراهقون إلى النوم في أيام المدرسة، ويجب أن يتجنبوا البقاء مستيقظين لأكثر
من ساعة بعد الموعد المحدد في نهاية الأسبوع.
طور روتينا لقبل النوم. إنه بمنزلة
تهيئة للنوم. استرخ من خلال نشاطات لا تتطلب مجهودا مثل القراءة أو الاستماع إلى
موسيقى ناعمة أو الاستحمام. تفاد الضوء القوي في المساء الذي يعطي إشارات للدماغ كي
يبقى متيقظا. ويشمل ذلك شاشة التلفزيون والكمبيوتر.
راقب نشاطات الليل. احتفظ
بالتلفزيون والألعاب الإلكترونية في غرفة الجلوس وليس في غرفة النوم. الاحتمال أقل
بأن يطيل المراهقون السهر عندما لا تكون هذه الخيارات الترفيهية متوفرة على مقربة
منهم. وإخراج هذه النشاطات من غرفة النوم يعطي الأهل أيضا صورة أكثر واقعية عن
التوقيت الفعلي لخلود أولادهم إلى النوم.
لا تكثر من تناول الكافيين. التلاميذ
الذين يعانون نقصا في النوم يعتمدون بصورة متزايدة على القهوة والصودا ومشروبات
الطاقة المزودة بالكافيين ليبقوا مستيقظين خلال النهار. لكن الإكثار من تناول
الكافيين يزيد من صعوبة النوم، فتستمر دوامة النوم السيئ والإرهاق خلال النهار. يجب
ألا يتناول المراهقون أكثر من شرابين يحتويان على الكافيين في اليوم الواحد، وأن
يتوقفوا عن شربها بعد الساعة 5:00 مساء. ويجب أن يبتعدوا أيضا عن الأدوية المنبهة
مثل تلك التي تساعد على الدرس، فهي لا تحل مكان النوم.
اعتمد نمط حياة صحيا.
المراهقون الذين يمارسون الرياضة بانتظام ويتبعون نظاما غذائيا صحيا ولا يشربون
الكحول، يغفون بسرعة أكبر وينامون لوقت أطول. (وينطبق الشيء نفسه على الراشدين).
يجب على المراهقين الذين يدخنون أو يمضغون التبغ أن يقلعوا عن هذه العادات لأسباب
عدة، غير أن النوم في شكل أفضل هو دافع إضافي. النيكوتين منبه من شأنه أن يسبب خللا
في النوم.
خذ قيلولة. من المحتم أن يعاني المراهق مع مرور الوقت بعض النقص في
النوم» نظرا إلى أن معظم المدارس تبدأ في وقت مبكر يسبب التثاؤب وإلى العوائق التي
تحول دون النوم عند الساعة :00. يستطيع المراهقون الذين يحصلون دائما على قسط من
النوم أقل من اللازم أن يعوضوا قليلا من خلال أخذ قيلولة بعد العودة من المدرسة.
وتفاديا لأي خلل في النوم أثناء الليل، يجب ألا تدوم القيلولة أكثر من 60 دقيقة،
وألا يأخذوا القيلولة في المساء بعد العشاء.
ضع قواعد. لن يفوز الوالدان اللذان
يمنعان أولادهما المراهقين من القيادة بعد الساعة :00 مساء (عندما يكون الاحتمال
كبيرا بأن يغفوا) بمباراة الأهل الأكثر شعبية، لكنهما ينقذان حياة
أولادهما.
احترس من اضطرابات النوم. قد يعاني المراهقون الاضطرابات نفسها التي
تمنع الراشدين من نوم ليلتهم كما يجب. وتشمل هذه الاضطرابات انقطاع النفس الانسدادي
النومي (اضطراب تنفسي ليلي) والخدار ومتلازمة الساقين دائمتي الحركة.
كن القدوة.
إذا كان الأهل يسهرون حتى ساعة متأخرة ويكافحون الحرمان من النوم باحتساء كميات
كبيرة من القهوة، فما الذي سيجعل المراهقين يعملون بنصيحتهم وينامون ليلتهم كما
يجب؟.
وقبل كل شيء، لا تستسلم. تتحدث بويل، المدرسة في مساشوسيتس، على انفراد مع
الطلاب الذين يغفون باستمرار في الصف، عن أهمية النوم وتتصل بالأهل إذا استمرت
المشكلة. وتقول في هذا الإطار: "ليسوا أولادا سيئين. غالبا ما يكونون محفزين جدا،
يمضون ساعات في كتابة الواجبات المنزلية ويعملون لادخار المال للجامعة. إذا تحدثت
معهم، تستطيع أن تحدث تأثيرا كبيرا لديهم".